كان دور هذه البعثة هو مراقبة اتفاقية الهدنة بين اسرائيل وجيرانها العرب – وهي العملية المعروفة بهيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة.
ومنذ ذلك الحين، نشرت 71 عملية لحفظ السلام بواسطة الأمم المتحدة، 57 منهم منذ 1988، وعلى مدار السنين، شارك مئات الآلاف من العسكريين، فضلاً عن عشرات الآلاف من شرطة الأمم المتحدة والكثير من المدنيين من أكثر من 120 دولةفي عمليات حفظ السلام.
وتوفى أكثر من 3326 من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من حوالي 120 دولة، أثناء العمل تحت راية الأمم المتحدة.
السنوات الأولى
وجدت عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في وقت كانت فيه المنافسات في الحرب الباردة تعيق مجلس الأمن عن الوصول لحلول.
وكانت عمليات حفظ السلام قاصرة في المقام الأول على الحفاظ على وقف إطلاق النار واستقرار الأوضاع على أرض الواقع، مع تقديم الدعم الحيوي للجهود السياسية لحل الصراعات بالوسائل السلمية.
وتتكون هذه البعثات من مراقبين عسكريين غير مسلحين وقوات مسلحة تسليح خفيف، وتمثلت أدوارهم الرئيسية في المراقبة، والإبلاغ، وبناء الثقة.
وكان أول عمليتين لحفظ السلام نشرتهما الأمم المتحدة هما هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة، وفريق مراقبي الأمم المتحدة العسكريين في الهند وباكستان، وتمثل هاتان العمليتان اللتان يواصلوا أعمالهم إلى اليوم، نماذج الرصد والمراقبة في العمليات وأقروا نقاط القوى في المئات القليلة، وكان المراقبين العسكريين التابعين للأمم المتحدة غير مسلحين.
وكانت أول عملية مسلحة لحفظ السلام هي قوة الطوارئ الأولى للأمم المتحدة، التي انتشرت بنجاح عام 1956 لمعالجة أزمة السويس.
وكانت عملية الأمم المتحدة في الكونغو، التي بدأت عام 1960، هي أول بعثة واسعة النطاق تضم ما يقرب من 20 ألف عسكري بأقصى حد لها. وأظهرت عملية الأمم المتحدة في الكونغو المخاطر التي تنطوي عليها محاولة جلب الاستقرار للمناطق التي مزقتها الحروب، وقتل 250 من أفراد الأمم المتحدة أثناء خدمتهم في هذه البعثة، ومن ضمنهم الأمين العام داغ همرشولد.
وفي فترتي الستينيات والسبعينيات، أسست الأمم المتحدة البعثات قصيرة المدى في جمهورية الدومينيكان – مثل، بعثة ممثل الأمين العام في جمهورية الدومينيكان، وغرب نيو غينيا (غرب إيريان)، قوة الأمم المتحدة للأمن في غينيا الجديدة الغربية، واليمن، بعثة الأمم المتحدة لمراقبة اليمن، وبدأت الأمم المتحدة في نشر بعثات طويلة المدة في قبرص، قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في قبرص، والشرق الأوسط، قوات الطوارئ الثانية التابعة للأمم المتحدة، وقوات الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.
وفي عام 1988، مُنحت قوات حفظ السلام جائزة نوبل للسلام، وفي هذا الوقت ذكرت لجنة نوبل "قدمت قوات حفظ السلام من خلال قهودها مساهمات هامة نحو تحقيق أحد المبادئ الأساسية للأمم المتحدة. وبالتالي، أصبحت هذه المنظمة العالمية تلعب دوراً محورياً في الجهود العالمية، والتي تم استثمارها في زيادة الثقة".
الانطلاق بعد الحرب الباردة
مع نهاية الحرب الباردة، تغير السياق الاستراتيجي لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بشكل كبير.
وقامت الأمم المتحدة بتحويل وتوسيع عملياتها الميدانية من بعثات "تقليدية" تتضمن مهام عامة للمراقبة يقوم بها أفراد عسكريون لمنشأة معقدة "متعددة الأبعاد". وصممت هذه البعثات لضمان تنفيذ اتفاقيات شاملة للسلام والمساعدة في إرساء أسس السلام المستدام.
وتغيرت طبيعة الصراعات على مدار السنوات الأخيرة، فقد تطورت عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من مجرد وسائل للتعامل مع الصراعات بداخل الدولة، إلى وسائل تطبق بصورة متزايدة على الصراعات بداخل الدولة والحروب الأهلية.
ويُطلب الآن من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة القيام بمجموعة واسعة من المهام المعقدة، بدءاً من المساعدة في بناء مؤسسات تابعة للحكومة المستدامة، إلى مراقبة حقوق الانسان، وإصلاح قطاع الأمن، ونزع السلاح بين المقاتلين السابقين وتسريحهم وإعادة دمجهم في المجتمع.
وبالرغم من أن القوة العسكرية هي العمود الفقري للعديد من عمليات حفظ السلام، ولكن هناك العديد من الأوجه لحفظ السلام، ومنها:
- المسؤولون
- الإقتصاديون
- ضباط الشرطة
- خبراء القانون
- عمال المناجم
- مراقبي الانتخابات
- مراقبي حقوق الانسان
- خبراء الشؤون المدنية والحكومة
- العاملون في المجال الإنساني
- خبراء الاتصالات والمعلومات العامة
1989 – 1994: الزيادة السريعة في الأعداد
بعد انتهاء الحرب الباردة، كان هناك زيادة سريعة في أعداد عمليات حفظ السلام، فمع الإجماع الجديد والشعور المشترك بالهدف، سمح مجلس الأمن بتنفيذ إجمالي 20 عملية جديدة في الفترة بين 1989 حتى 1994، مما تسبب في زيادة أعداد قوات حفظ السلام من 11،000 إلى 75،000 شخص.
أسست عمليات حفظ السلام في بعض الدول مثل أنغولا البعثة الأولى للتحقق في أنغولا، وفي كمبوديا، السلطة الانتقالية للأمم المتحدة في كمبوديا، وفي السلفادور، بعثة مراقبي الأمم المتحدة في السلفادور، وفي موزامبيق،عمليات الأمم المتحدة في موزامبيق، وفي ناميبيا، فريق الأمم المتحدة للمساعدة الانتقالية، والتي نشرت حتى:
- تساعد في تنفيذ اتفاقيات السلام المعقدة
- تدعم استقرار الأوضاع الأمنية
- إعادة تنظيم قوات الجيش والشرطة
- انتخاب حكومات جديدة وبناء مؤسسات ديموقراطية
فترة منتصف التسعينيات: فترة إعادة التقييم
أدى النجاح الكبير في البعثات الأولى للأمم المتحدة إلى رفع سقف التوقعات من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بما يتجاوز قدرتها على التنفيذ. وكان هذا صحيحاً وخاصة في منتصف فترة التسعينيات في المواقف التي لم يستطيع بها مجلس الأمن السماح بالبعثات القوية الكافية، أو لعدم قدرته على توفير الموارد الكافية.
وأسست هذه البعثات في الأحداث التي لم يتوقف بها إطلاق النيران بعد، في المناطق مثل يوغسلافيا السابقة، قوات الأمم المتحدة للحماية، ورواندا، بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى رواندا، والصومال، عملية الأمم المتحدة الثانية في الصومال، ولم يكن هناك سلام للحفاظ عليه.
وتعرضت هذه العمليات الثلاثة لحفظ السلام للكثير من النقد، حيث واجهت قوات حفظ السلام العديد من المواقف التي لم تلتزم بها الأطراف المتصارعة باتفاقيات السلام، أو بسبب عدم قدرة قوات حفظ السلام نفسها على توفير الموارد الكافية أو الدعم السياسي. فضلاً عن معاناة قوات حفظ السلام من ارتفاع عدد الضحايا المدنيين واستمرار الأعمال العدائية.
وأدت الانتكاسات التي حدثت في أوائل ومنتصف التسعينيات إلى قيام مجلس الأمن بالحد من عدد بعثات حفظ السلام الجيدة والبدء في عمليات ضبط النفس لمنع حدوث هذه الإخفاقات مرة أخرى.
وكلف الأمين العام بإجراء تحقيق مستقل (S/1999/1257)، فيما يتعلق بإجراءات الأمم المتحدة خلال الإبادة الجماعية في رواندا عان 1994، وبناء على طلب الجمعية العامة، توفر تقييم شامل (A/54/549)، عن أحداث سريبرينيتسا في يوغوسلافيا السابقة في الفترة 1993-1995. كما تمت مراجعة الأحداث التي أدت إلى انسحاب الأمم المتحدة من الصومال (S/1995/231)..
وفي غضون ذلك، استمرت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في عملياتها طويلة المدى في الشرق الأوسط، وآسيا، وقبرص.
ومع استمرار الأزمات في العديد من البلدان والأقاليم، أكد بشكل قاطع على دور قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لحفظ السلام. وفي النصف الثاني من فترة التسعينيات، أذن مجلس الأمن بعمليات جديدة للأمم المتحدة في:
- أنغولا، بعثة الأمم المتحدة الثالثة للتحقق في أنغولا، وبعثة مراقبي الأمم المتحدة في أنغولا .
- البوسنة والهرسك، بعثة الأمم المتحدة في البوسنة والهرسك .
- كرواتيا،عملية الأمم المتحدة لاستعادة الثقة في كرواتيا، وإدارة الأمم المتحدة الانتقالية في سلافونيا الشرقية، وفريق الأمم المتحدة لدعم الشرطة المدنية .
- مقدونيا الشمالية، قوات الأمم المتحدة للانتشار الوقائي .
- غواتيمالا، بعثة الأمم المتحدة للتحقق في غواتيمالا .
- هايتي،بعثة الأمم المتحدة للدعم في هايتي، وبعثة الأمم المتحدة الانتقالية في هايتي، وبعثة الأمم المتحدة للشرطة المدنية في هايتي.
نحو القرن الحادي والعشرون: عمليات جديدة، وتحديات جديدة
في مطلع القرن، أجرت الأمم المتحدة تدريباً رئيسياً لاختبار التحديات التي تواجه حفظ السلام في فترة التسعينيات، واقترحت نظام للإصلاح. وكان الهدف هو تعزيز قدراتنا على الإدارة الفعالة للعمليات الميدانية والحفاظ عليها.
ومع الفهم الأكبر للحدود وإمكانيات قوات حفظ السلام، طُلب من الأمم المتحدة أن تقوم بإجراء المزيد من المهام الأكثر تعقيداً. وبدأ ذلك عام 1999، عند قيام الأمم المتحدة بالعمل بإدارة كوسوفو في يوغسلافيا السابقة، بعثة الأمم المتحدة للإدارة المؤقتة في كوسوفو، وفي تيمور الشرقية (تسمى الآن تيمور ليتشي)، إدارة الأمم المتحدة الانتقالية في تيمور الشرقية، والتي كانت في طريقها للحصول على استقلالها من إندونيسيا.
وفي السنوات التالية، أنشأ مجلس الأمن أيضاً عمليات أكبر وأكثر تعقيداً لحفظ السلام في عدد من الدول الأفريقية، مثل:
- بوروندي ،عملية الأمم المتحدة في بوروندي .
- التشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى، بعثة الأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى والتشاد .
- جمهورية كوت ديفوار، عملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار.
- جمهورية الكونغو الديموقراطية، بعثة منظمة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديموقراطية، وبعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديموقراطية .
- أريتيريا وأثيوبيا، بعثة الأمم المتحدة في أريتريا وأثيوبيا.
- ليبيريا، بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا .
- سيراليون، بعثة الأمم المتحدة في سيراليون .
- السودان ، بعثة الأمم المتحدة في السودان، وفي جنوب البلاد، العملية المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور، وفي دارفور، قوات الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة في أبيي، وبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان.
- سوريا، بعثة الأمم المتحدة للإشراف في سوريا.
وعادت قوات حفظ السلام لاستكمال عملياتها وبناء السلام الحيوي حيث تلاشى السلام في هايتي، بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في هايتي، وبعثة تيمور ليتشي المستقلة، بعثة الأمم المتحدة المتكاملة في تيمور ليتشي .
وانتهت كذلك فترة تفويض العديد من هذه العمليات، وهم: بعثة الأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى والتشاد، وبعثة منظمة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديموقراطية، وعملية الأمم المتحدة في بوروندي، وبعثة الأمم المتحدة في سيراليون، وبعثة الأمم المتحدة في أثيوبيا واريتريا، وبعثة الأمم المتحدة في السودان، وعملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار.
وفي العقد الأول من هذا القرن، وجدت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة نفسها ممتدة أكثر من أي وقت مدى، ويتم توجيه النداء إليها للانتشار في مناطق نائية، وبيئات تشغيل غير واضحة، وفي سياقات سياسية متقلبة.
وواجهت قوات حفظ السلام كذلك العديد من التحديات، بما في ذلك التحديات التي تواجه قدرتها على ارسال بعثات أكبر، وأكثر تكلفة، وأكثر تعقيداً، والتحديات التي تواجه تصميم وتنفيذ الاستراتيجيات الانتقالية القابلة للتنفيذ للبعثات، حيث يتم تحقيق قدر من الاستقرار، فضلاً عن التحديات التي تواجه الإعداد لمستقبل مبهم وبعض المتطلبات.
وبحلول أيار/مايو 2010، دخلت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة مرحلة من التوحيد، فبدأت الأعداد لأول مرة من عقد من الزمان في الانخفاض بشكل طفيف، فمع تخفيض عدد القوات في بعثة منظمة الأمم المتحدة للاستقرار في جمهورية الكونغو الديموقراطية، وسحب بعثة الأمم المتحدة من جمهورية أفريقيا الوسطى والتشاد، بنهاية 2010.
الوقت الحالي
يخدم اليوم أكثر من 110 ألف عسكري وشرطي ومدني في 15 بعثة لحفظ السلام، مما يمثل انخفاض في كلاً من تعداد الأفراد وعدد بعثات حفظ السلام، وذلك نتيجة لعمليات الانتقال السلمي وإعادة بناء دول المؤسسات.
ومع ذلك، يشير هذا الانخفاض في تعداد الأفراد وبعثات حفظ السلام في السنوات الفاصلة بكل الأحوال إلى تقلص التحديات التي تواجه الأمم المتحدة. في حين أنه يبدو أن الصراعات الناشئة المتجاوزة للحدود المحلية والإقليمية ستؤدي إلى زيادة الطلب على البعثات الميدانية، وستصبح عمليات حفظ السلام من أكثر المهام التنفيذية تعقيداً للأمم المتحدة.
علاوة على ذلك، لا يزال التعقيد السياسي الذي يواجه عمليات حفظ السلام ونطاق تفويضها، بما في ذلك الجانب المدني، واسع النطاق. فهناك مؤشرات قوية على أن بعض القدرات الخاصة ، بما في ذلك الشرطة، ستزداد بشكل كبير في السنوات القادمة.
وتواصل عمليات حفظ السلام متعددة الأبعاد تيسير العمليات السياسية، وحماية المدنيين، والمساعدة في نزع السلاح، وتسريح المقاتلين السابقين وإعادة دمجهم في المجتمع، ودعم تنظيم الانتخابات، وحماية وتعزيز حقوق الأنسان والمساعدة في استعادة سيادة القانون.
وكانت عمليات حفظ السلام دائمة الديناميكية وتطورت كثيراً لمواجهة التحديات الجديدة.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2014، أسس أمين عام الأمم المتحدة فريقاً مستقل مكون من 17 عضواً رفيع المستوى بشأن عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة ليقوموا بإجراء تقييم شامل لهذه العمليات والاحتياجات الناشئة في المستقبل. وصدر تقرير الفريق المستقل الرفيع المستوى المعني بعمليات السلام، كما هو معروف في حزيران/يونيو 2015، مع التوصيات الرئيسية للمضي قدماً في عمليات السلام. وفي أيلول/سبتمبر 2015، أصدر الأمين العام تقريره الخاص المتعلق بتنفيذ هذه العمليات ومستقبل عمليات السلام.
ولإلقاء نظرة عامة على العمليات الجارية، والسياق الاستراتيجي الحالي، والأولويات، والتحديات المتغيرة التي تواجه مسيرة حفظ السلام في الوقت الحاضر، يرجى الاطلاع على بيانات اللجنة الرابعة للجمعية العامة، بواسطة الأمين العام السابق لعمليات حفظ السلام هيرفي لادسو، ووكيل الأمين العام للعمليات الميدانية، أتول كهاري.