تعمل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بشكلٍ متكرر في مناطق شديدة الاضطراب وبها نزاعات. وبينما يعمل حفظة السلام على حماية المدنيين وتحقيق الاستقرار في مناطق النزاع وتعزيز سيادة القانون، فإنهم يعززون أيضاً الظروف الاجتماعية والمدنية اللازمة للسلام. وتساعد قوات حفظ السلام في تقوية المؤسسات الوطنية ودون الوطنية لمعالجة الأسباب الجذرية للنزاعات مثل التمييز وعدم المساواة والتهميش.
يعد موظفو الشؤون المدنية عنصراً مدنياً رئيسياً يساعد في تسهيل التفاعلات بين بعثات حفظ السلام والشركاء والمجتمعات المحلية لمنع النزاعات. ويعتمد عمل الشؤون المدنية على تفويض البعثة وتطور الوضع على الأرض. ويضطلع مسؤولو الشؤون المدنية بثلاثة أنشطة رئيسية ثابتة هي إشراك أصحاب المصلحة المحليين، والمشاركة في إدارة النزاعات المحلية ودعم بسط سلطة الدولة. حتى الآن، تعد الشؤون المدنية واحدة من أكبر العناصر المدنية في عمليات حفظ السلام. وتضم في عام 2020، 565 موظفاً للشؤون المدنية في ثمان بعثات ميدانية للأمم المتحدة، كان المئات منهم من مساعدي الاتصال المجتمعي الوطنيين (CLAs) الذين لعبوا دوراً رئيسياً في الإنذار المبكر والوعي بأوضاع ديناميات النزاعات على الأرض.
إشراك أصحاب المصلحة والمجتمعات المحلية
ينخرط موظفو الشؤون المدنية بشكلٍ مكثف مع المجتمعات المحلية من خلال العمل على التماسك الاجتماعي، وبسط سلطة الدولة، والتخفيف من حدة النزاعات المحلية. وتعتبر التفاعلات على المستوى المحلي ضروريةً لتنفيذ المهام المنوطة بالبعثة وتعزيز مصداقية البعثة. إن المشاركة المجتمعية هي وسيلة لتحقيق غاية وليست غايةً في حد ذاتها. إنها عنصرٌ حاسمٌ في التنفيذ الفعال للعديد من المهام الموكلة، سواءً كانت لحماية المدنيين من التهديدات الجسدية، أو تحسين الوعي بالموقف، أو تعزيز العمليات السياسية الشاملة، أو معالجة دوافع النزاعات المحلية، على سبيل المثال لا الحصر. وتستخدم البعثات مثل بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية افريقيا الوسطى، نهج "كامل البعثة" مع مشاركة المجتمع التي تساعد على الحصول على طريقة متسقة ومتماسكة عند مساعدة المجتمعات المحلية. وقد كانت بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية أول من نشر مساعدي الاتصال المجتمعي للوصول إلى المجتمعات المحلية بشكلٍ أكبر وأعمق، لفهم احتياجاتهم وشواغلهم المتعلقة بالحماية بشكلٍ أفضل. وتبع ذلك قيادة البعثة المتكاملة في مالي وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية أفريقيا الوسطى.
إدارة النزاعات المحلية
إن ديناميات النزاعات المحلية معقدة. فهي متجذرة بعمق في المظالم المجتمعية للبلد المضيف، وبالتالي فهي عرضة للنزاعات على السلطة السياسية الوطنية وعامل مزعزع لعمليات السلام الهشة. يمكن أن تحدث هذه الاضطرابات بسبب العوامل السياسية والمتعلقة بالموارد، بما في ذلك النزاعات على الأراضي وأنماط هجرة الماشية، والكثير غير ذلك. وتعمل قوات حفظ السلام على منع وتخفيف هذه الاضطرابات من خلال دعم المجتمعات والجهات الفاعلة على المستوى دون الوطني، مما يخلق فرصاً للحوار المجتمعي وجهود الوساطة واتفاقيات السلام المحلية وعمليات المصالحة، والتي يمكن أن تقلل من الخسائر في صفوف المدنيين وتقلل من تعطيل سبل العيش.
دعم بسط سلطة الدولة
يعد بسط سلطة الدولة مهمة حفظ سلام رئيسية تركز على الأنشطة لضمان وجود مؤسسات الدولة في جميع أنحاء أراضي الدولة التي توفر السلع والخدمات وأن يُنظر إلى سلطتها على أنها شرعية في نظر السكان. في مجال العمل هذا تقوم فرق عمليات حفظ السلام في كلٍ من مالي وجمهورية الكونغو الديموقراطية وجمهورية افريقيا الوسطى، من بين أمورٍ أخرى، بتقديم الدعم الفني وتنمية قدرات مؤسسات الدولة، لا سيما في مجال الأمن وسيادة القانون، وتعزيز ممارسات الحكم الرشيد على المستوى دون الوطني من خلال العمل عن كثب مع السلطات المحلية والجهات الفاعلة في المجتمع المدني والمجتمعات المحلية لتعزيز الحوار والمساءلة.